فوق من الوسم الهد المغلق -------------------------------------- -->

الجمعة، 29 مايو 2015

تفسير الآية 51 -52 من سورة غافر







إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ( 51 ) يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ( 52 ) " سورة غافر 



التفسير اللغوي :.

قوله عز وجل ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا قال ابن عباس بالغلبة والقهر . وقال الضحاك بالحجة ، وفي 
الآخرة بالعذر . وقيل : بالانتقام من الأعداء في الدنيا والآخرة ، وكل ذلك قد كان للأنبياء والمؤمنين ، فهم منصورون بالحجة على 
من خالفهم ، وقد نصرهم الله بالقهر على من ناوأهم وإهلاك أعدائهم ، ونصرهم بعد أن قتلوا بالانتقام من أعدائهم ، كما 
نصر يحيى بن زكريا لما قتل ، قتل به سبعون ألفا ، فهم منصورون بأحد هذه الوجوه ، ( ويوم يقوم الأشهاد يعني : يوم القيامة 
يقوم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الكفار بالتكذيب . 

يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم إن اعتذروا عن كفرهم لم يقبل منهم ، وإن تابوا لم ينفعهم ، ( ولهم اللعنة البعد من الرحمة ، 
ولهم سوء الدار )يعني جهنم . 


القول في تأويل الآية :.

القول في تأويل قوله تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ( 51 ) يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ( 52 ) ) 

يقول القائل : وما معنى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا وقد علمنا أن منهم من قتله أعداؤه ، ومثلوا به ، كشعياء ويحيى بن زكرياوأشباههما . ومنهم من هم بقتله قومه ، فكان أحسن أحواله أن يخلص منهم حتى فارقهم ناجيا بنفسه ، كإبراهيم الذي هاجر إلى الشام من أرضه مفارقا لقومه ، وعيسى الذي رفع إلى السماء إذ أراد قومه قتله ، فأين النصرة التي أخبرنا أنه ينصرها رسله ، و المؤمنين به في الحياة الدنيا ، وهؤلاء أنبياؤه قد نالهم من قومهم ما قد علمت ، وما نصروا على من نالهم بما نالهم به ؟ قيل : إن لقوله : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا وجهين كلاهما صحيح معناه . أحدهما أن يكون معناه : إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا إما بإعلائناهم على من كذبنا وإظفارنا بهم ، حتى يقهروهم غلبة ، ويذلوهم بالظفر ذلة ، كالذي فعل من ذلك بداود وسليمان ، فأعطاهما من الملك والسلطان ما قهرا به كل كافر ، وكالذي فعل بمحمد صلى الله عليه وسلم - بإظهاره على من كذبه من قومه ، وإما بانتقامنا ممن حادهم وشاقهم بإهلاكهم وإنجاء الرسل ممن كذبهم وعاداهم ، كالذي فعل ص: 401 ] تعالى ذكره - بنوح وقومه ، من تغريق قومه وإنجائه منهم ، وكالذي فعل بموسى وفرعون وقومه ، إذ أهلكهم غرقا ، ونجى موسى ومن آمن به من بني إسرائيل وغيرهم ونحو ذلك ، أو بانتقامنا في الحياة الدنيا من مكذبيهم بعد وفاة رسولنا من بعد مهلكهم ، كالذي فعلنا من نصرتنا شعياء بعد مهلكه ، بتسليطنا على قتله من سلطنا حتى انتصرنا بهم من قتلته ، وكفعلنا بقتلة يحيى ، من تسليطنا بختنصر عليهم حتى انتصرنا به من قتله له وكانتصارنا لعيسى من مريدي قتله بالروم حتى أهلكناهم بهم ، فهذا أحد وجهيه . وقد كان بعض أهل التأويل يوجه معنى ذلك إلى هذا الوجه . 

ذكر من قال ذلك : 

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن الفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي قول الله : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا قد كانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا وهم منصورون ، وذلك أن تلك الأمة التي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتى يبعث الله قوما فينتصر بهم لأولئك الذين قتلوا منهم . والوجه الآخر : أن يكون هذا الكلام على وجه الخبر عن الجميع من الرسل والمؤمنين ، والمراد واحد ، فيكون تأويل الكلام حينئذ : إنا لننصر رسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا به في الحياة الدنيا ، ويوم يقوم الأشهاد ، كما بينا فيما مضى أن العرب تخرج الخبر بلفظ الجميع ، والمراد واحد إذا لم تنصب للخبر شخصا بعينه . 

واختلفت القراء في قراءة قوله : ( ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة ويوم يقوم ) بالياء . وينفع أيضا بالياء ، وقرأ ذلك بعض أهل مكة وبعض قراء البصرة : " تقوم " بالتاء ، و " تنفع " بالتاء . 

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . ص: 402 ] 

وقد بينا فيما مضى أن العرب تذكر فعل الرجل وتؤنث إذا تقدم بما أغنى عن إعادته . 

وعنى بقوله : ( ويوم يقوم الأشهاد يوم يقوم الأشهاد من الملائكة والأنبياء والمؤمنين على الأمم المكذبة رسلها بالشهادة بأن الرسل قد بلغتهم رسالات ربهم ، وأن الأمم كذبتهم . والأشهاد : جمع شهيد ، كما الأشراف : جمع شريف . 

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 

ذكر من قال ذلك : 

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة . ( ويوم يقوم الأشهاد من ملائكة الله وأنبيائه ، والمؤمنين به . 

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ويوم يقوم الأشهاد يوم القيامة . 

حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، في قول الله : ( ويوم يقوم الأشهاد قال الملائكة . 

وقوله : ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم يقول - تعالى ذكره - : ذلك يوم لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم لأنهم لا يعتذرون إن اعتذروا إلا بباطل ، وذلك أن الله قد أعذر إليهم في الدنيا ، وتابع عليهم الحجج فيها فلا حجة لهم في الآخرة إلا الاعتصام بالكذب بأن يقولوا : ( والله ربنا ما كنا مشركين ) . 

وقوله : ( ولهم اللعنة يقول : وللظالمين اللعنة ، وهي البعد من رحمة الله ( ولهم سوء الدار يقول : ولهم مع اللعنة من الله شر ما في الدار الآخرة ، وهو العذاب الأليم . 

تعليقات فيسبوك
0 تعليقات بلوجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتصل بنا

الإسم الكريم البريد الإلكتروني مهم الرسالة مهم