فوق من الوسم الهد المغلق -------------------------------------- -->

الأربعاء، 6 يناير 2016

نقض فكرة الدخول في اللعبة الديموقراطية بدعوى المصلحة

نقض فكرة الدخول في اللعبة الديموقراطية بدعوى المصلحة





نبَّه المفكرون الإسلاميون إلى أن: "بعض الدعاة جعلوا من المصلحة صنمًا معبودًا، يعارضون به النصوص ويَنسخون به الأحكام، وأن المدافعين منهم عن فكرة الدخول في اللعبة الديموقراطية يقولون تارة: إنها خير جاءنا من الغرب، وتارة يقولون: إنها شر لا بد منه، وتارة يقولون: إنها هي السبيل المتاح لنصرة الإسلام، وينظر البعض منهم إلى المصلحة نظرة حزبية، فكل ما كان في مصلحة الحزب والجماعة، فهو مصلحة شرعية تُباح من أجله الحُرمات، وتعطل النصوص، وكل ما لم يكن للحزب فيه مصلحة، فهو غير مُعتبَر، ولا خير فيه للأمة.

إن هذا التذبذُب في القول، وهذه النظرة إلى المصلحة - دليل على أنهم لا يَزِنون الأمور بميزان شرعي".

ويقوم جوهر هذه الفكرة على أساس أن المشاركة في النظام الديموقراطي فيها مصلحة عظيمة، تعمل على تحقيق ما أمكن من خير وتقليل ما أمكن من شرٍّ.

يقول المفكرون الإسلاميون ردًّا على هذا الادعاء:
"إن الخاسر الأساس في هذه اللعبة هو عقيدة "التوحيد"؛ ذلك لأن الدخول في اللعبة الديموقراطية يقوم بتحويل قضية الإلزام في عقيدة التوحيد إلى قضية خيار تختاره الجماهير".

يقول الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب: 36].

وقضية عبادة الله وحده بلا شريك، وهي قضية لا إله إلا الله، معناها أن يكون الله هو المعبود في الاعتقاد، وهو المعبود في الشعائر التعبُّدية، وهو المُشرع، وهو مقرر القِيم والمعايير، وهو واضع منهج الحياة للناس، وهي قضية إلزام لا خيار فيها للمسلم ما دام مقرًّا بالإسلام؛ ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

وأول ما يحدث عند الدخول في لعبة الديموقراطية هو تحويل هذا الإلزام الرباني إلى قضية يستفتى فيها الناس، وتؤخذ عليها الأصوات بالموافقة أو الرفض، مع إتاحة الفرصة لمن شاء أن يقول: إنكم أقلية، والأقلية لا يجوز لها أن تفرض رأيها على الأغلبية، فتصبح المسألةُ مسألة رأى، وليست مسألة إلزام، مسألة تنتظر أن يصل عدد أصوات الموافقين عليها مبلغًا حتى تتقرر....".

إن تحكيم الشريعة إلزام رباني، لا علاقة له بعدد الأصوات، ولا يخير الناس بشأنه، هل يقبلونه أم يرفضونه؛ لأنهم لا يملِكون أن يرفضوه ثم يظلوا مسلمين! ويجب أن تقدم الدعوة للناس على هذا الأساس: أنه إلزام رباني، وأن الناكل عنه مُرتد في حكم الله، وأن جميع الناس مطالبون بتحقيقه، حُكامًا ومحكومين؛ سواء وجدت هيئة أو جماعة تطالب به، أم لم توجد؛ لأنه ليس متوقفًا على مطالبة أحد من البشر، بعد أن طلبه رب العالمين من عباده بصيغة الأمر الملزم......".

ومن ناحية أخرى تؤدي هذه المشاركة في اللعبة الديموقراطية إلى تمييع قضية الشرعية؛ يقول المفكرون الإسلاميون: "الشرعية في الديمقراطية هي لمن يأخذ أغلبية الأصوات، وهذا ليس هو المعيار الرباني؛ إنما المعيار الرباني هو تحكيم شريعة الله، ومن أعرض عن تحكيم شريعة الله، فلا شرعية له في دين الله، ولو حصل على كل الأصوات لا غالبيتها فحسب، وهنا مفرق طريق حاد بين الإسلام وبين الديمقراطية، وعند الدخول في لعبة الديمقراطية فلا بد أن نُقر بشرعية من يأخذ غالبية الأصوات، ولو كان لا يحكم شريعة الله؛ لأن هذا هو قانون اللعبة، والذي لا نملك مخالفته، وعندئذ نقع في محظور عقدي، وهو إعطاء الشرعية لأمر قال الله عنه: إنه كفر، وهو التشريع بغير ما أنزل الله، ومهما قلنا في سرنا وعلننا: إننا لا نوافق على التشريع بغير ما أنزل الله، فإنه يلزمنا أن نخضع لقانون اللعبة، ما دمنا قد ارتضينا أن نلعبها، بل طالبنا في كثير من الأحايين أن يُسمح لنا باللعب فيها، واحتججنا حينما حُرمنا من هذا الحق...".


منقول - 
تعليقات فيسبوك
0 تعليقات بلوجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتصل بنا

الإسم الكريم البريد الإلكتروني مهم الرسالة مهم